في تصعيد جديد للملف النووي الإيراني، تبنّى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم، قرارًا يدين “عدم امتثال” إيران لالتزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية، في خطوة اعتُبرت الأشد منذ عقدين. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسيين تأكيدهم أن هذا أول إعلان مباشر من الوكالة منذ 20 عامًا يقر بعدم التزام طهران بتعهداتها النووية.

وجاء الرد الإيراني سريعًا ومتصاعدًا، إذ أدانت كل من وزارة الخارجية الإيرانية وهيئة الطاقة الذرية، القرار بشدة، واعتبرتاه “سياسيًا” ويكشف “الطبيعة الحقيقية للوكالة الدولية”، مؤكدتين أن “سياسة التعاون مع الوكالة أدت لنتائج عكسية بسبب التعامل السياسي”، وفق ما أوردت قناة الجزيرة.

وأعلنت طهران رسميًا عن تشغيل مركز جديد لتخصيب اليورانيوم، كخطوة أولى للرد على التصويت ضدها، إلى جانب استبدال أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول بأخرى من الجيل السادس المتطور في موقع فوردو. كما أعلنت عن نيتها إطلاق موقع جديد للتخصيب في “منطقة آمنة”، بحسب ما بثّه التلفزيون الرسمي الإيراني.

الخطوات الإيرانية التصعيدية تأتي في لحظة إقليمية حساسة، تتقاطع فيها المواقف السياسية مع استعدادات أمنية على الأرض. فبحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين، فإن "إسرائيل" تجهّز لشن هجوم قريب على منشآت إيرانية، وسط غموض بشأن توقيت الضربة وحجمها. وترافقت هذه المعلومات مع سحب واشنطن لدبلوماسييها من العراق، وقرارها السماح بالمغادرة الطوعية لعائلات العسكريين الأميركيين من المنطقة.

القرار جاء بعد أشهر من ضغوط مارسها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لدفعه إلى توجيه “ضربة مزدوجة” للبرنامج النووي الإيراني.

وعلى الرغم من أن ترامب كان قد رفض تلك الخطط سابقًا، مفضّلًا إعطاء فرصة للدبلوماسية، فإنه أعرب مؤخرًا عن تشاؤمه، مؤكدًا في حديث مع صحيفة نيويورك بوست أنه بات “أقل ثقة” بإمكانية التوصل إلى اتفاق يحد من تطوير إيران للسلاح النووي، خاصة بعد رفض المرشد الأعلى الإيراني لمقترح كان سيُنهي تدريجيًا عمليات التخصيب داخل إيران.

في المقابل، شدد مصدر إيراني لقناة “الميادين” على أن طهران لا ترى إشارات فعلية على نية الولايات المتحدة الذهاب نحو تصعيد عسكري مباشر، طالما أن المفاوضات لم تُقفل نهائيًا.

وأضاف أن الإدارة الأميركية، بتأثير من اللوبي الصهيوني، تبالغ في رفع مستوى التأهب العسكري والدبلوماسي في الخليج بهدف ممارسة ضغط نفسي على طهران.

وفي إشارة إلى اقتراب المواجهة، نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول إيراني أن دولة صديقة في المنطقة أبلغت طهران بتحذيرات استخبارية عن هجوم إسرائيلي محتمل، مما يعزز احتمالات أن تكون إسرائيل قد دخلت فعليًا في مراحل الإعداد العملاني للهجوم.